الأحد، 25 أغسطس 2019

مراجعاتٌ في الفكر والسياسة(1)


بسم الله الرحمن الرحيم

مراجعاتٌ في الفكر والسياسة(1)
"مراجعاتٌ في الفكر والسياسة" هو العنوان الذي اخترته لكتابي الأخير، الذي أنا بصدد مراجعته وإعداده للنشر، والذي سيظهر في نشرته الرقمية الأولى في شهر نونبر القادم، إن شاء الله.
يضمّ هذا الكتاب مقالاتٍ كتبتها بين سنتي2010 و2014، ناقشت فيها بعضَ المبادئ التي يقوم عليها المنهاجُ السياسي لجماعة العدل والإحسان، وانتقدت فيها أيضا بعضَ الاختيارات التي ما تزال الجماعةُ تتشبث بها في تدافعها السياسي.
لقد رأيت، بعد طول نظرٍ وتأملٍ وتردّد، أن أجمع هذه المقالاتِ في كتاب، لتكون سهلةَ التناول لكل من يعنيه الأمر، مِنَ المهتمين بالفكر السياسي للحركات الإسلامية عموما، وبالمنهاج السياسي لجماعة العدل والإحسان خصوصا.
لقد ناقشت الاختيارَ السياسي للجماعة، وانتقدت منه ما رأيت أنه يستحق النقد والتقويم، وذلك من أجل المشاركة-فيما أظن وأقدّر-في خلق نوع من الحيوية الإيجابية البناءة على مستوى نقد الفكر السياسي الإسلامي، وأيضا من أجل تسجيل ما أدّتني إليه تجربتي الشخصيةُ الطويلةُ في العمل السياسي الإسلامي من ملاحظات وانتقادات ومراجعات، وخاصة فيما يتعلق باجتهادات الأشخاص وآرائهم ونظراتهم، التي هي من بنات الظن والترجيح، وليست من المعتقدات القطعيات المطلقات التي لا يملك المرء إزاءها إلا التصديق والتسليم.
سجلت في هذه المقالات ملاحظاتي وانتقاداتي وآرائي التي كوّنتُها عبر تجربة ونظر، ومخالطةٍ وممارسة، ومعاينةٍ ومتابعة، لا أدعي فيها أن ما أقوله هو الحق والصواب، وإنما هي مقالاتٌ قائمة على العرض والتحليل والنقاش والنقد والترجيح، قد أكون فيها أصبت بعضَ الحقيقة، وقد لا أكون، لأن الموضوع السياسيَّ من الموضوعات التي تتعدد في شأنها الآراء والأفهام، وتتباين في تناولها زوايا النظر، وتختلف مناهجُ الاجتهاد وموجباتُ الترجيح والاختيار، ومن ثَمَّ، فإن مقياس الحق والباطل، مثلُه مثلُ مقياس الإيمان والكفر، لا يفيد شيئا في تقويم الفكر السياسي ونقده، لأنه سيكون مقياسا في غير طائل، لأن الفكر السياسيَّ الاجتهادي هو من الأعمال المباحة ما دامت الأصولُ العقدية محفوظة، والثوابتُ الإيمانية والمبادئ الأخلاقية مرعية ومعتَبَرة.
في جملة، مقالاتُ هذا الكتاب تُدافع عن التحرر من الإمعيّة والتبعية والتقليد الأعمى، بل إنها تُذكِّر بأمرٍ بديهيٍّ في مجال السياسة، بشقيها التنظيري والتطبيقي، وهو أن الجمودَ قاتلٌ، والتقليد مُخلِق ومُتلف، لأن السياسةَ، فكرا وممارسة، بطبيعتها، تأبى التحجُّرَ والتحنُّطَ والتكريرَ، لأنها مجال يمتاز بالحركة الدائبة، والتدافع المتجدد، والطوارئ والمفاجآت التي لا تكون في الحسبان.