الأحد، 20 فبراير 2022

كلمة في الذكرى الحادية عشرة لميلاد حركة 20فبراير

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كلمة في الذكرى الحادية عشرة لميلاد حركة 20فبراير

 

بين 20فبراير2011 و20فبراير2022 عرفت الحياةُ السياسية المغربية بعضَ التغيرات والتطورات والأحداث، لكن أسباب الاحتقان والاختناق ظلت قائمة، بل تفاقمت وباتت تنذر بالانفجار في أي وقت، لأن داءنا العضال، وهو الاستبداد والفساد، لم يزدد إلا تجذرا واستفحالا.

انتهت حركة 20 فبراير إلى البرود والاضمحلال بعد عشرة أشهر من ميلادها، تقريبا، وذلك بسبب الخلافات الإيديولوجية بين مكوناتها، ولم يبق منها، في الواقع، إلا الاسم والشعارات. وقد حاولت التنظيمات اليسارية، أن تعيد الحياة إلى الحركة، في كثير من المناسبات، بعد أن سطت على قيادتها واحتكرت الحديثَ باسمها، وكأنها "ماركة" مسجلة باسمها، لكن من دون جدوى. والذي شاهده الناس في الواقع أن كل الأنشطة التي حاول اليساريون تنظيمَها باسم الحركة، لم تعرف أي نجاح ملحوظ، وخاصة على مستوى تحريك الشارع وتعبئة الجماهير.

قبل سنتين، جمع هؤلاء اليساريون جموعَهم، وحشدوا تنظيماتهم، وأسسوا ما سموه "الجبهة الاجتماعية المغربية"، لنفخ روح جديدة في حركة 20فبراير، لكن، بلا جدوى دائما، إلا الخطابات الحماسية، والتصريحات النارية، والشعارات الثورية، التي لم يكن لها أي صدى ولا تأثير في الشارع.

أكثر من ثلاثين هيئة تابعة لتنظيمات اليسار، من أحزاب ونقابات وجمعيات و"شبيبات" وتنسيقيات وغيرها من الأشكال والألوان، شاركت في تأسيس هذه "الجبهة الاجتماعية"، ثم ماذا كان؟

الذي كان هو أن هذه "الجبهة" باتت رقما جديدا أضيف إلى "الجبهات" السابقة، التي كان منها ما وُلد ميتا، والتي لم يكن منها، في واقع التدافع والنضال، شيء ذو بال إلا الضوضاء والزعيق في دائرة حزبية ضيقة، بل تضيق، في بعض الأحيان، حتى عن فصائل من نفس العائلة.

ولست أبالغ في الوصف، لأنه الواقع الذي نعيشه.

ما يزال هذا اليسارُ الذي ابتُلينا به-ولا أعمّم، لأن في اليساريين أفرادا فضلاء، لكنهم، مع الأسف، بلا تأثير كبير-يصرّ على احتكار الكلام باسم الديمقراطية والحقوق والحريات، ولا يرى غيرَه جديرا بأن يشاركه في التنظير والتأطير وقيادة النضال في الميدان.

احتكروا الكلامَ باسم حركة20 فبراير، حتى أحالوها إطارا فارغا إلا من أنانيتهم الإيديولوجية الصماء، وكالوا لمنافسيهم الإسلاميين، الذين انسحبوا من الحركة، وخاصة جماعة العدل والإحسان، من كل ألوان الاتهام والتجريح والتبخيس. ثم بادروا إلى إنشاء جبهتهم الاجتماعية، في نهاية 2019، متعمدين إقصاء الإسلاميين، كما صرح بذلك بعض قيادييهم، لينتهوا إلى ما كانوا ينتهون إليه دائما، وهو الانحباس في "شوفينية" مقيتة، "يحسبون أنهم على شيء". وما يزال هذا ديدن تنظيماتهم في التعامل مع الإسلاميين، إلا من رحم ربك-وهم أفراد معدودون، لا ثقل لهم حتى الآن-عندهم البقاءُ، ولو إلى الأبد، في برجهم الإيديولوجي الحالم أهونُ من أن يقبلوا بالإسلاميين شركاء لهم في التأطير والنضال.

أليس للإسلاميين المعارضين جمهور واسع وعريض من أبناء الشعب؟

أليست يدُ هؤلاء الإسلاميين المعارضين ممدودة للتواصل والتحاور والتعاون بلا تعاظم ولا تعالم ولا اشتراطات سابقة؟

أليس الناس جميعا يناضلون من أجل العدالة والحرية والكرامة؟

أليس الناس جميعا مع سقوط الاستبداد والفساد؟

أليس الناس جميعا من أجل الديمقراطية ولوازمها من الحقوق والحريات؟

أليس الناس جميع ضد احتكار السلطة والثروة؟

أليس الناس جميعا مع حقوق المستضعفين؟

ففيم الاحتكارُ والإقصاءُ والتعالي والتقوقعُ داخل البيت الإيديولوجي المظلم؟

ففيم هذه العداوة الدفينة المستحكِمة للإسلاميين من قوم لا يفتأون يدعون النضال من أجل الحقوق والحريات؟

وأذكر هنا أن الاستثناء لا يغير في القاعدة شيئا. فبعض مناضلي حزب النهج الديمقراطي يرفضون هذا الإقصاء الفِجّ من رفاقهم تجاه جماعة العدل والإحسان، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا في الاتجاه الصحيح، لأن الآصرة الإيديولوجية غَلاّبة.

وبعد، ألم يأْنِ للإسلاميين، من غير المخزنيين، بعد أربعين سنة، تقريبا، من الصبر والتلطف والترقب وحسن الظن، أن ييأسوا من هذا اليسار "المريض" "المستكبر"، وينفضوا أيديهم منه جملة وتفصيلا؟

أما يزال عندكم أيها الإسلاميون صبرٌ على هؤلاء القوم العادين الإقصائيين؟ وإلى متى هذا الصبر؟

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.