الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

لماذا نسبةُ مدرسة إلى أدونيس؟

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا نسبةُ مدرسة إلى أدونيس؟

                                    
(1)

اختيارُ اسم مدرسة هو، أساسا، اختيارٌ لرمزية الاسم، وليس لتفصيلات المُسمى. فاسمُ مدرسة، في الغالب، يرمز إلى مؤسسة تعليمية، على رأسها مديرٌ، أو ما في معنى المدير، كما يرمز إلى وجود معلمين مبلِّغِين(بصيغة الفاعل)، وتلامذة مُتلقِّين. وتتحدد الغايةُ من المدرسة، أساسا، في تلقين معارف ومهارات محددة، وترسيخ نوعٍ من الولاء والانضباط لفكرٍ أو مذهب أو معتقد أو غير ذلك من ألوان المذاهب والمعتقدات.
ونسبةُ مدرسةٍ إلى شخص، أو فكر، أو رأي، أو مذهب، كالمدرسة الفرويدية، مثلا، والمدرسة السلفية، والمدرسة الكاثوليكية، تعني، في الدرجة الأولى، أن لهذه المدرسة صلةً بهذا الفكر أو الرأي أو المذهب، اعتقادا وتربية وتعليما.
وفي الاصطلاح الشائع، المدرسةُ منسوبةً إلى عَلَمٍ، أو اجتهاد فكري، أو مذهب فلسفي، أو معتقد ديني، هي بمثابة عنوانِ الكتاب الجامع لِمَا بين دفتيه، أو بمثابة الروح الذي به يحصلُ التضامُّ والانجماع والترابط. بعبارة أخرى، المدرسة، في المفهوم المتعارف عليه، أفرادٌ متكلمون ومجتهدون ومبدعون في حدود تيّار معيّن، وإن لم يكن بينهم، أصلا، تعارفٌ شخصي.
وهل أعمالُ أدونيس، بمختلف أنواعها، تؤهله ليكون مدرسةً متميزة بأصولها وأفكارها واجتهاداتها؟
هل عند أدونيس، في كتاباته الفكرية وابتداعاته الأدبية وآرائه النقدية والفنية، ما يجعله تيّارا متميزا بأوصافه، متفرِّدا بألوانه في خضم الثقافة العربية الإسلامية؟
في رأيي، الذي كوّنته بعد اطلاع وبحث وتحقق وتأمل، أنَّ كلّ ما في أدونيس يدعو إلى اعتباره مدرسةً بامتياز؛ قراءتُه "الثورية" المخالِفة المتميِّزة لتراثنا العربي الإسلامي، وخروجاتُه على الثوابت المعتبرة في تاريخنا، وخاصة فيما يتعلق بمقدسات الإسلام، بعقائده وشرائعه، التي تشكل الأساسَ الذي انبنى عليه هذا التاريخُ، ومخالفاتُه المتطرّفة "الرافضة" "الهادمة" العنيفة التي تخالط، في حالات كثيرة، معانيَ "العبث" و"الجنون" و"الفوضى" و"التخريب" اللامسؤول، وكتاباتُه التجريبيّة المُغرِقة في "اللاشكل"، و"اللامضمون"، و"اللافهم"، و"اللاتلاقي"، و"اللاهدف"، و"اللانهاية"، و"اللاتواصل"، إلى غير ذلك من اللاءات السالبة للمعنى والوضوح والموقف المحدَّدِ والرأيِ المسؤول- كلُّ هذا وغيرُه كافٍ، في رأيي، لاعتبار أدونيس مدرسةً متميزة في الساحة العربية المعاصرة، فكرا وأدبا ونقدا، فضلا عن كون هذه الابتداعات الأدونيسية المتعددة قد انتشرت انتشارا واسعا، على امتداد أكثر من ستين سنة، وتأثر بها خلقٌ كثير، وبات لها أنصارٌ ومريدون مبثوثون في مختلف الأرجاء، وخاصة في البلاد العربية الإسلامية.

(2)

لقد اخترت الحديثَ عن آراء أدونيس الحداثية على أنها مدرسة عربية معاصرة متميزة في الفكر والأدب والنقد، وذلك لعدة أسباب، أذكر منها:
أولا ـ لأن أدونيس له كتاباتٌ كثيرة في التنظير للمذهبيّة الحداثية، تصدُر عن أصول متميِّزة في الفكر والاعتقاد والنظر إلى الكون والإنسان. وهو بذلك يمتاز عن غيره من الأدباء والنقاد المعاصرين بإيلاء الكتابةِ النظرية أهميةً كبيرة، إلى جانب التجريب الإبداعي. هذا، فضلا عن الأبحاث والدراسات والمقالات، التي دار موضوعُها على أدونيس وتجاربه الأدبية والنقدية.
ثانيا ـ استعمالُ بعضِ الدارسين والنقاد لفظةَ "مدرسة" أو ما يؤدي معناها، كلفظة "مؤسسة" أو "رابطة"، للحديث عن تجربة أدونيس الحداثية وآرائه وإبداعاته المتميزة. فمنهم مَن نعته بأنه "…صاحب مدرسة في الشعر، ما أكثر ما كُتب عنها."[1] ومنهم من تحدث عن "مؤسسة أدونيس الثقافية"[2].
وقد اقترح كمال أبو ديب في مقال نُشر في جريدة "الحياة" إنشاءَ ما سماه "الرابطة الأدونيسية" تقديرا لأدونيس، واعترافا بأستاذيته ومكانه في الإبداع الأدبي[3].
ثالثا ـ لأن أدونيس، اليوم، بات معدودا في الأساتذة الكبار والرواد الأفذاذ لجمهور واسع من الكتاب والأدباء. فما زالت هذه الريادةُ والأستاذية تُكثّر عددَ التلامذة والمريدين، الذين يستلهمون تجاربَ أدونيس ويصدرون عنها في كثير من آرائهم ومقالاتهم وتجاربهم. بل مِن هؤلاء التلامذة مَن يبالغ في وصف تأثره بشخصية أدونيس الإبداعية، والوقوع في جاذبية سحره، كخالدة سعيد[4]، وكمال أبو ديب، ومحمد بنيس، وغيرهم كثير.
فهذا محمد بنيس[5]، الأديب والباحث المغربي، يتذكر كيف جرّه سحرُ أدونيس، وهو ما يزال في سنته الأولى من القسم الأدبي في المستوى الثانوي، إلى أن يتتلمذ له، ويذوب في عالمه. ومما يتذكره أنه حينما تصفح القصائد الأولى من ديوان أدونيس "كتاب التحولات والهجرة في أقاليم الليل والنهار"، في سنة 1966، لمح جسده يضيع منه، "وينزل إلى سراديب لن يغادرها أبدا"[6]. ثم يذكر كيف تطورت علاقتُه بأدونيس خلال ثلاثين سنة (من 1966 تاريخ أول لقاء، إلى 1996، وهو التاريخ الذي قرأ فيه الجزء الأول من "الكتاب")، حتى ارتقت إلى علاقة صداقة عميقة، "صداقة الشعر والحياة معا"[7]. ثم يذكر أن "كل عمل جديد كان يصدر لأدونيس، عبر الثلاثين سنة بكاملها، بالعربية أو مترجَما إلى لغات أخرى، كان دليلي إلى فرح جديد وسعادة تتسع أنحاؤها وأسرارها."[8]
ويعترف محمد بنيس بأنه، في أثناء هذه الثلاثين سنة، التي قضاها في صحبة أدونيس، كان يتابع تجربته "منصتا متعلما"[9]. ثم يقول: "وفي أفق معرفي كريم كهذا، التقيت بحريتي، بقضاياي وأسئلتي. أدونيس علمني أن طريق الشعر مفقودة، علي اكتشافُها باستمرار."[10]
ويقول، في شهادة أخرى بالمرجع نفسه: "منذ أكثر من ربع قرن وأنا أنصت إلى أدونيس، وأتعلم مصاحبته. تلك هي الفترة التي تفصلني عن مراهقتي."[11]
وفضلا عن الاعتراف بالتلمذة والملازمة لأدونيس طيلة ثلاثين سنة، فإن (محمد بنيس)، في كتاباته، لا يني يتحدث عن أدونيس ويصف تجاربه الحداثية بعبارات ترفعه إلى الأعالي، في مبالغات لامعقولة، ينقصها، في اعتقادي، كثير من الذوق والاتزان. وهذه جملة تلخص العشرات من أمثالها؛ فهو في شهادته، في أدونيس، يصفه، من بين أوصاف أخرى، بأنه "كوني منذ لحظته الأولى التي انقاد فيها نحو مساءلة الشعر والشاعر…كذلك هو أدونيس، يبدأ دائما ليبدأ. في البعيد والغريب، حرا إلا من مغامرة الكتابة[12]"[13]
وأُجمل رأيي في المدرسة الأدونيسية في النقط الثلاث التالية:
النقطة الأولى هي أن الفلسفة الحداثية التي تقوم عليها المدرسة الأدونيسية، في تقديري، هي السائدة اليوم في الساحة الأدبية العربية، والساحة الشعرية، على وجه التخصيص، وخاصة في ظل تفاقم المد الإلحادي في المجتمعات الإسلامية، واتساع نطاق الثقافة اللادينية، التي امتد نفوذُها إلى مفاصل التعليم والتربية، وبات رِكْزُها مسموعا في المؤسسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية، وأصبح لها من أصحاب السلطة والمال، في الخارج والداخل، مظلاتٌ من الحماية والرعاية والتشجيع.
النقطة الثانية هي أن هذه المدرسة تمتاز بأن لها أدبياتٍ نظريةً ونقدية مكتوبة تجمعها أفكارٌ ومبادئ واضحة، إلى حد ما، ولها كذلك تجارب حداثية منشورة، لا تبخل على  المتابع والباحث المهتم بالأمثلة الوفيرة.
والنقطة الثالثة هي أن هذه المدرسة بات لها أعلامُها وروادها وأنصارها وأتباعُها، في محيط واسع وقاعدة عريضة من المفكرين والأدباء والنقاد، من مختلف المشارب، فضلا عن جمهور عريض من ناشئة الشباب.
ومع هذا، أشير إلى أن حديثي عن المدرسة الأدونيسية هو، دائما، حديث نسبي، فيه نصيبٌ كبير من اجتهاد الباحث ورؤيته وتقويمه، إضافة إلى أن هذه المدرسةَ، رغم تميزها بكتاباتٍ وإبداعات وأعلام مشهورين مِن المفكرين والنقاد والمبدعين، لم يتيسر لها أن تتشكّل، على الصعيد العربي، في صورة تنظيمية معينة تكفل لأعضائها وأنصارِها والمتعاطفين معها شروطَ الترابط القوي والتواصل المستمر.

(3)

عن رأس المدرسة
لقد اختلفت الآراء والأقوالُ والأحكام والمواقف حول أدونيس ومدرسته الحداثية، حتى كاد الناسُ أن يكونوا، في هذا الاختلاف، فريقين اثنين، بينهما مِن البعد ما بين السماء والأرض: فريق المؤيدين المادحين المريدين، الذين يرفعون أدونيس إلى قمة المجددين المعاصرين في الإبداع الشعري، ويعقِدون له لواءَ الريادة في مضمار "الحداثة" العربية تنظيرا وتجريبا، وفريق المعارضين الناقدين المتهمين، الذين ينزلون به إلى حضيض الخيانة والزندقة والإلحاد.[14]
ومهما تكن حججُ الفريقين وتفسيراتُهما وتأويلاتُهما في أحكامهما ومواقفهما، فإن الذي ينبغي تسجيلُه هنا هو أن الباحث المنصف-وليس الجاحد المعاند المتعصب الأعمى-المطلعَ على أعمال أدونيس، لا يمكنه أن يخطئ، في كتابات الرجل وتصريحاته، وكذلك في تجاربه الحداثية "الشعرية"، ما يؤكد انتسابَه للمذهبية الفلسفية الإلحادية اللادينية. بل إن الرجلَ نفسه قد أعفانا من هذا الجدل العقيم في شأن حقيقة معتقده، لأنه اعترف بالكلام الصريح الذي لا يحتمل أيَّ تأويل، في مناسبات كثيرة، في كتاباته وتصريحاته، بأنه ملحد لا يدين بأي دين. وأكثر من هذا أنه، في كثير من هذه الكتابات والتصريحات، يخص الإسلامَ، في أصوله العقدِيَّة والتشريعية ومبادئه الأخلاقية، بطعونه وتجريحاته وأباطيله، التي ليس لها من أساس، عند التحقيق، غير الكذب والتزوير والمغالطة والتدليس، فضلا عن خلفية الجحود التي تمتح من الإيديولوجية الفلسفية الإلحادية اللادينية[15].
إنني أعتقد أن المرء، مفكرا كان، أو ناقدا، أو كاتبا، أو أديبا، أو فنانا، أو غير ذلك من المواهب والاهتمامات والتخصصات، لا يمكنه أن يتجرد في عمله عن معتقداته التي انطوى عليها قلبه في شأن الإنسان والعالم والوجود بكل مخلوقاته: مَن الخالق؟ من أين هذه الحياة، وإلى أين؟ ما الوجود؟ كيف كان البدء، وكيف سيكون المنتهى؟ فيم هذه الأعمارُ في هذه الحياة؟ هل بعد القبر حياةٌ أخرى؟ كيف؟ ولماذا؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا يفتأ الإنسان العاقلُ الراشد يطرحها، ويطمئن إلى نوع من الجواب عنها، حسب بيئته وتربيته وتعليمه، وحسب محيطه الخاص والعام، وظروف مجتمعه، واستعداداته الفطرية والنفسانية والوراثية.
هذه المعتقدات، التي تنطوي عليها صدورُنا، كيفما كانت، لا شك أن لها ثقلا حاسما في توجيه أفكارنا وسلوكاتنا ومواقفنا وتحليلاتنا، وكذلك في قراراتنا واقتناعاتنا، وآرائنا ونظراتنا إلى مختلف مظاهر الوجود الإنساني، المادية والعقلية، الحسية والمعنوية، الفردية والاجتماعية.
وإنه لمن العبث السخيف والفكر الكسيح، عندي، القولُ بأنه لا علاقة لرؤية أدونيس وأفكاره وآرائه، في نظريته الحداثية، بمعتقداته وبواطن أسراره. أما المقولةُ المأثورة، التي تحكم بأن الأدب، وما يدور حوله ويسير في ركابه، إنما هو بمعزل عن الاعتقاد[16]، فيجب، في نظري، فهمُها في سياق آخر، لا علاقة له بالسياق الذي نحن فيه. بل إن مقالات أنصار المذهبية اللادينيّة اليوم، في البلاد الإسلامية، وفي مناخ ثقافة "حقوق الإنسان" الآخذة في الانتشار، لم تعُد تعبر عن أفكارها في الظلام، بل أصبحت تجاهر بالدعوة إلى إبعاد الدين، كلّ الدين، عن شؤون الإنسان الحيوية، وخاصة في ميادين الفكر، والسياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والأدب، والفن.
إذاً، لا بد من النظر إلى أعمال أدونيس ونقدها من زاوية يتداخل فيها، حتما ولزوما، الفنيُّ الأدبيّ الشعريّ والفلسفيّ الفكريّ العقدي، ويترابطان ويتواشجان. أما الذين ما يزالون يسلكون كل السبل، من أجل أن يقنعونا بوجوب التفرقة، في الحكم على أدونيس وتقويم أعماله، بين أدونيس الأديب الشاعر وبين أدونيس المفكر الملحد، فإنهم يطلبون شيئا مستحيلا، بل قلْ إنهم، في سعيهم هذا، إنما يكرسون العبث، ويُسقطون كل منطق إلا منطقَ الإيديولوجيا العمياء، التي ما فتئت تسير بنا، بالبشرية جمعاء، سيرا حثيثا نحو الخراب والبوار.
إن أدونيس قد شغل دنيا الأدب والنقد بآرائه وكتاباته، التي امتازت بجراءة كبيرة وواسعة على المقدسات الإسلامية[17]. ولا يمكن، والحالة هذه، نقدُ هذه الكتابات، ومناقشةُ تلك الآراء من غير الرجوع إلى مقاييس وقواعد تكون لنا بمثابة وحدة القياس والتقويم. وهذه المقاييس والقواعد لن تكون، على ضوء المنهج الذي اخترت أن أسير عليه في بحثي، إلا مستقاة من روح الإسلام في أصوله القطعية، وتصوراته البينة، بعيدا عن آراء المجتهدين، وتأويلات الفلاسفة المتكلمين. لن تكون هذه المقاييس والقواعد إلا روح ما أجمعت عليه أمة المسلمين على أنه من مقدسات الإسلام وأصوله ومعتقداته وتصوراته، التي لا تختلف فيها الآراء، ولا تتباين في شأنها المذاهب، إلا رأيٌ أو مذهبٌ اختار طريقا غير طريق الإسلام، فحكمه، عندئذ، بحسب الطريق المختار.
وإلى المقال/الفصل القابل، إن شاء الله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مراكش: فاتح نونبر2016





[1] من دراسة لحافظ الجمالي عن "الثابت والمتحول في العقل العربي"، مجلة "المعرفة"، السنة العشرون، عدد 236، أكتوبر 1981، ص9.
[2] عبد الحميد جيدة، أدونيس بين مؤيديه ومعارضيه، مجلة "فصول"، العدد الخاص عن "الأفق الأدونيسي"، ص94.
[3] ما بعد الأدونيسية(شهوة الأصل)، بقلم عبد الله محمد الغَذَّامي، مجلة "فصول"،(م.س)، ص16، هامش رقم (3).
[4] هي زوج أدونيس. وقد كان لقاؤهما الأول في أيام النضال في صفوف الحزب القومي السوري.
[5] للتذكير، فإن أدونيس كان عضوا في الهيئة التي ناقشت أطروحة محمد بنيس حول "الشعر الحديث"، التي نال بها شهادة الدكتوراه.
[6] أدونيس ومغامرة "الكتاب"، بقلم الدكتور محمد بنيس، مجلة "فصول"،(م.س)، ص257. و"الكتاب" هو عنوان لأكبر تجارب أدونيس الحداثية، متميز في كمّه وكيْفه، وفي صياغته وترتيب أجزائه وإخراج فقراته. صدر الجزء الأول منه، في طبعته الأولى، عن دار الساقي بلبنان، سنة 1995. وصدر الجزء الثاني، في طبعته الأولى، عن نفس الدار، سنة 1998. وصدر الجزء الثالث، في طبعته الأولى، عن نفس الدار، سنة2002.
[7] نفسه.
[8] نفسه.
[9] نفسه، ص258.
[10] نفسه.
[11] أدونيس: الشعر وما بعده، (م.س)، ص368.
[12] نفسه، ص371.
[13] أقترح على القارئ المستزيد من هذه الأمثلة من كتابات محمد بنيس أن يقرأ ما كتبه عن "أدونيس ومغامرة الكتاب"، في "فصول"، (م.س)، وما كتبه في سياق تعليقه على تجربة "هذا هو اسمي"، لأدونيس، في كتابه عن "الشعر العربي الحديث، بنياته وإبدالاتها"، الجزء3(الشعر المعاصر)، ص191 وما بعدها. قارن بما كتبته خالدة سعيد عن هذه التجربة الأدونيسية نفسها، في "حركية الإبداع"، ص93 وما بعدها.
[14] راجع بعض مقالات هذين الفريقين في مقالة عبد الحميد جيدة: "أدونيس بين مؤيديه ومعارضيه"، مجلة "فصول"، عدد خاص عن "الأفق الأدونيسي"، المجلد السادس عشر، العدد الثاني، خريف 1997، من ص84 إلى ص 102.
[15] تُراجع، مثلا، مقالاتُه في (الثابت والمتحول)، وخاصة في فصول الجزء الأول، وفي حواراته مع ابنته (نينار)، التي صدرت، سنة2006، في كتاب بالفرنسية بعنوان(محادثات مع أدونيس أبي)، وفي حواراته مع الباحثة حورية عبد الواحد، التي صدرت، بالفرنسية سنة2009، في كتاب بعنوان(نظرة أورفي)، وفي حواره مع الباحثة نفسها في كتاب صادر بالفرنسية، سنة2015، بعنوان (العنف والإسلام). هذه عناوين أمثلة صارخة تتجلى فيها بكل وضوح، وبالعبارة الصريحة التي لا لَبس فيها، المذهبيةُ الإلحادية التي يعتنقها أدونيس. وفي النية، إن شاء الله، أن أنشر كتابا مستقلا عن "أدونيس بلا قناع"، يوفي هذه المسألةَ حقَّها من التحليل والبيان.
[16] هذه المقولةُ صدرت عن القاضي الجرجاني، علي بن عبد العزيز(توفي392هـ)، في كتابه "الوساطة بين المتنبي وخصومه"، في سياق رده على من سعى إلى الانتقاص من شاعرية أبي الطيب المتنبي بحجة أن في بعض أشعاره ما يشي برقة دينه. وقد أراد القاضي الجرجاني برده أن يبين أن الشاعرية تثبت للشاعر أو تسقط عنه بعيدا عن مقياس الاعتقاد، وإنما المقياس الحاسم فيها هو الإبداع. ومما قاله القاضي الجرجاني: "لو كانت الديانة عاراً على الشعر، وكان سوء الاعتقاد سبباً لتأخر الشاعر، لوجب أن يُمحى اسمُ أبي نواس من الدواوين، ويحذف ذكره إذا عُدّت الطبقات، ولَكان أولاهم بذلك أهل الجاهلية، ومن تشهد الأمة عليه بالكفر، ولوجب أن يكون كعب بن زهير وابن الزِّبَعري وأضرابُهما ممن تناول رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وعاب من أصحابه بُكْماً خرساً، وبِكاء مفحمين؛ ولكنّ الأمرين متباينان، والدينُ بمعزل عن الشعر".(ص64، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البيجاوي). بِكَاء: في لسان العرب: "بَكأَ الرجُل بَكاءة فهو بَكِيءٌ من قوم بِكاء قلَّ كلامُه خِلْقةً".
[17] ما عرفت أنه كان مِن أدونيس للمقدسات المسيحية واليهودية شيءٌ، مِن مقالة أو رأي أو حكم، يمس بها وينتقدها ويستهين بمبادئها وأصولها وشرائعها إلى حد التزوير والتلفيق والتخرص بالباطل، كما كان منه تجاه المقدسات الإسلامية.