الجمعة، 5 يوليو 2013

اللهُ يلعن من لا يحشَم

بسم الله الرحمن الرحيم


اللهُ يلعن من لا يحشَم



العنوان المختار لهذه السطور هو عبارة عن دعاء مشهور في لساننا الدارج يلجأ إليه المرء حينما يكون بإزاء وضع مزر يعبر عن انحطاط في القيم والأخلاق، واختلال في المعايير والقواعد، وانتهاك لأبسط متطلبات الرجولية والمروءة والإنصاف. وهذه العبارة، في تركيبها، عربية فصيحة، وإن اشتهر استعمالها في اللغة الدارجة بما يقتضيه هذا الاستعمال من تحريفات في النطق والإعراب.
لقد تم في مصر، يوم 3 يوليوز، انقلابٌ على كل ما بُني منذ أكثر من سنتين بعد سقوط الطاغية مبارك، وقام بمباركة هذا الانقلاب وتأييده والتصفيق له كل ذوي الدناءات والوقاحات والعاهات، في داخل البلاد وخارجها، بدعم واضح وصريح، من القوى المتحكمة في المنطقة، وأذنابها التابعين من العرب.
لم يبق للمرء أمام ما شهدته مصر يوم 3 يوليوز إلا أن يقول (الله يلعن من لا يحشم)، ملخصا كل ما يتعلق بهذا المنكر الانقلابي اللئيم، الذي جاء ليؤكد عمق هذه الهوة التي تردى فيها عملنا السياسي بسبب انحطاط نخبنا اللادينية الاستئصالية، ومن يقف وراءها من أصحاب النفوذ والمال والإعلام، ومن يقف وراءهم جميعا من قوى دولية حريصة، بكل ثمن، أولا، على حماية دولة الصهاينة، وثانيا، على حماية مصالحها وضمان تدفق البترول العربي عبر قناة السويس بدون عوائق.
بعد الانقلاب الرخيص السافر الذي حصل في مصر، لن تكون هناك، في اعتقادي، رائحة من المصداقية لأي نظام أو حكومة أو انتخابات أو "قَسَم دستوري"، أو غير ذلك من الأسماء والأشكال، التي سيحاول الانقلابيون فرضها والدعاية لها بقوة القمع والاستبداد، التي لا يعرفون غيرها في مجال السياسة والحكم.
اللهُ يلعنُ منْ لا يحشَم من هذه النخب المزورة، التي وصلت إلى أقصى الدرجات التي ما بعدها مزيد من التحريض والافتراء والبهتان والخيانة والارتماء في قلب جهنم.
الله يلعن من لا يحشم من هذه الأقلام التي ما تزال تجد في جعبتها ما تدافع به عن الشيطان، وجنده، وخدامه، وسائر مكونات عصابته.
الله يلعن من لا يحشم من هذه الوجوه، التي ما تزال تجد عندها الجرأة لتظهر للعموم في القنوات الفضائية، وتحاج، وتجادل، وتواجه، وتصر على تسويغ الباطل، الذي ظهر صريحا في انقلاب 3 يوليوز.
الله يلعن من لا يحشم من هؤلاء السياسيين، الذين لا يزالون يعتقدون أنهم على شيء، وأنهم وطنيون ديمقراطيون "سلميون" بعدما أيدوا وشاركوا وطبلوا وزغردوا واحتضنوا المسخ السياسي  الذي فرضه الانقلابيون.
 الله يلعن من لا يحشم من هؤلاء الذي لا يقنعون بأقل من يروا دماء المسلمين تسيل، وأوطانهم تخرب، وثرواتهم تنهب، ومؤسساتهم تقوض، ولحمتهم تمزق، وصفوفهم تشتت، وريحهم تذهب.
الله يلعن من لا يحشم من هؤلاء الزنادقة المارقين، من كل المشارب والاتجاهات، المندسين بين المسلمين، الساعين، في السر والعلن، وبكل الوسائل، من أجل أن يظل المسلمون كمّا خاضعا تابعا ضعيفا مفعولا به.
الله يلعن من لا يحشم من هؤلاء الذي دأبهم، بالليل والنهار، أن تشيع في الذين آمنوا الفتن والفواحش وغيرهما من أسباب الدمار والخراب.
و(إنا لله وإنا إليه راجعون)
و(حسبنا الله ونعم الوكيل)
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

مراكش: 5 يوليوز2013