بسم الله الرحمن الرحيم
القانونُ في
دولة المخزن
(1)
القانونُ في الدولة الديمقراطية السليمة يكون لإقامة
العدل، وحماية الحقوق، المادية والمعنوية، وزجر المخالفات والانحرافات، الفكرية
والسلوكية، ومعاقبة المجرمين المعتدين على الحق العام.
في دولة الحق والقانون، يكون الناس سواسية أمام القضاء،
مدّعين ومدّعى عليهم، والمتهمُ، في هذه الدولة، بريء حتى تثبت إدانتُه. هذه
الأساسيات التي تقوم عليها دولة الحق والقانون، نجدها مفصلة في مبادئ الدستور،
الذي يُفتَرض فيه أن يعكس إرادة الأمة، وكذلك نجدها مفصلة في مدونات القوانين
المختلفة، التي تنظم شؤون الناس.
هذا هو الغالب في الدول الديمقراطية، التي تمثل فيها
المؤسساتُ إرادة الأمة، بخدمة مصالحها، وحماية حقوقها، والدفاع عن هويتها
ومقدساتها.
أما الدول المستبدةُ، فالغالبُ فيها أن يكون
القانون-والدستورُ جزء منه- واجهةً للدعاية الداخلية والخارجية، ونصوصا قد يتم
استغلالُ بعضها لقمع المعارضين، والانتقام من المواطنين، وسلبِ حقوق المظلومين،
وذلك بسلوك عدة طرق، واستعمالِ كثير من الوسائل، منها ما هو ظلمٌ صراح لا غبار
عليه، ومنها ما هو ظلم، لكنه مقنَّع بأقنعة للتمويه والتدليس والتزوير، ومنها ما
يكون ظلما بلبوس قانوني حقوقي، يتواطؤ فيه صوتُ القضاء مع عِصيّ القمع وقنوات
الإعلام، كما هو حاصل اليوم في مصر، بعد الانقلاب العسكري الدموي، الذي أطاح يوم 3
يوليوز2013 بالرئيس الشرعي المنتخب، وارتكبَ عدة مجازر في حق معارضيه، وما يزال،
من أجل تثبيت أركانه، وفرض استبداده بقوة الحديد والنار، في ظل مباركة مجتمع دولي
لم يعد عنده اعتبار لكرامة الإنسان العربي المسلم، ولا لدمه وعرضه وسائر حقوقه.
وما يزال المستبدون يخترعون في كل يوم لونا جديدا من
ألوان التزوير والتمويه، حتى يجلبوا لأنظمتهم شيئا من الشرعية والمصداقية. وهيهاتَ
وهيهات لِما يطلبون، لأن ضمائر الشرفاء الفضلاء ستظل تلفِظُهم وتلاحقهم وتطلبهم
للعدالة جرّاء ما أجرموا وأفسدوا ودمروا.
لقد كتبت في أكثر من مناسبة، وأؤكد هنا أن النظام
المخزني عندنا في المغرب هو قوام الاستبداد، وما الدستور والبرلمان والحكومة
والوزراء وغيرُها من القوانين والمؤسسات، المنتخبة والمعينة، إلا أدواتٌ لخدمة
النظام المخزني، أي لخدمة دولة الاستبداد. ويكفي لتقرير هذه الحقيقةَ أن نعرف أن موظفا
إداريا تابعا للحكومة، يُفترض فيه أن يخدم برنامج هذه الحكومة، ويأتمر بأوامرها، لا
تملك هذه الحكومة أن تقيله وتستغنيَ عن خدماته، ولو كان ممن يعترض على سياساتها،
ويعرقل تنفيذ مخططاتها، ويخرج في مظاهرات للاحتجاج ضدها.
إنه العجَب العُجاب، لكن في دولة المخزن، كل هذا أمر
طبيعي لا يدعو إلى تعجب ولا إلى استغراب.
(2)
في الأيام الأخيرة اشتغل الرأي العام، السياسي والإعلامي
والاجتماعي، بموضوعات أراد لها صانعوها ومثيروها أن تحتل المركزَ أو ما يشبه
المركز في اهتمامات الناس، بل أرادوا لها أن تكرّس التخديرَ وسط جماهير المواطنين،
وتلهيَهم عن الاشتغال بلباب الأمر بدل تضييع الوقت والجهد في الظواهر والقشور.
شريطٌ داعِر يصور مشاهد داعرة، ينبو عنها الذوق العام،
ويمجّها الرأي العام الاجتماعي الأخلاقي الإسلامي المغربي، بسبب قذارتها وسوقية
تعبيراتها وجرأتها على القانون والأخلاق والأعراف. ويصر أصحابُ هذا الفعل الداعر
العاهر السافل البذيء أن يفرضوه على المغاربة المسلمين باسم الفن وحرية التعبير
والإبداع، وما هو من الإبداع في شيء، بشهادة أهل الفن والخبرة والاختصاص، وإنما هو
فعل فاحش يجرمّه القانون، ويرفضه العرف، وترده الأخلاق والفطر السليمة.
إذن، الشريط الداعر هو جريمة بلغة القانون، ومِن ثَمّ
كان ينبغي التعامل معه على هذا الأساس، إن كنا حقا في دولة الحق والقانون، وليس في
دولة الاستبداد والفساد والتعليمات.
ما كان لهذه الدعارة أن يكون لها شأنٌ بيننا لو أنّ
مؤسساتنا الأمنية والقضائية قامت بواجبها الذي يفرض عليها حمايةَ مقدسات
المواطنين، وصيانة أخلاقهم وأذواقهم أن تغزوَها السفالة والقذارة، وتجتاحها
العهارة الصريحة المنكَرة.
ما كان لمثل هذه الجرائم أن تكثر وتنتشر، باسم الحرية
والفن والأدب والإبداع، لو كانت عينُ القانون ساهرة بحقٍّ على مصالح المواطنين،
وساهرة على ردع المجرمين والمنحرفين والضالين المعتدين.
لقد نجحت جرائمُ نبيل عيوش وأمثاله من المنتحلين المدّعين
أن تظهرَ للناس على أنها فن وإبداع، وأن الشأن في تقويمها والحكم عليها، كما يروج
الفساقُ من أهل المجانة والفساد، هو الاحتكام إلى قواعد الفن والإبداع- قلت لقد
نجحت هذه الجرائمُ أن تفرض نفسَها على الناس على أنها موضوعات إشكالية للتحاور
والنقاش، لأنها وجدت عينَ القانون نائمة، بل مفتوحة لحماية النظام أساسا، وليس
لحماية الأخلاق والأذواق والأعراض، وإلا، فإن نصوص القانون الجنائي واضحة في هذا
الشأن، فضلا عن المبادئ التي سجلها الدستور الممنوح فيما يخص حماية هوية المواطنين
وحقوقهم وأخلاقهم.
بعد جريمة نبيل عيوش، جاءت جريمة جينيفر لوبيز، المغنية
الراقصة الأمريكية الداعرة، في مهرجان "موازين" المقدس، الذي بات يُفرض
سنويا على المغاربة تحت الرعاية السامية للملك "أمير المؤمنين". ورغم
الكلام الكثير الذي قيل عن هذا الحفل الداعر للوبيز، فإن المتكلمين لم يذكروا، أو
قل تجاهلوا، أن الأميرة زوجة الملك كانت في مقدمة الحاضرين، الذين "شرّفوا"
حفلة لوبيز الداعرة.
والقانون في هذه الحالة أيضا واضح لا غبار عليه؛ فالتعري
أمام الجمهور، وأداء رقصات غارقة في الإيحاءات الجنسية الفاحشة، وعرضُ كل ذلك
للعموم في التلفزة، كلُّ هذا يُعدّ جريمة يعاقب عليها القانون المغربي. لكن المشكل
ليس في وجود القانون، ولكن فيمن سيطبقه. وهذه هي مصيبتنا الكبرى. النيابة العامة،
التي يُفترض فيها أن تحرك الدعوى العمومية ضد كلّ مجرم أو نصّاب أو منحرف أو منتهك
للقانون، لا ترى في فعل لوبيز جريمة تستحق الزجر والمنع والعقاب، بل لا تستطيع هذه
النيابة-وهذه إحدى مصائبنا في دولة المخزن- أن تنظرَ، ولو بخفقة عين، بعدم الرضا إلى
نشاط يرعاه الملك "أمير المؤمنين"، لأن الشائع الراسخ المفروض عندنا أن
النشاط الذي يرعاه الملك لا يمكن أن يكون خارج القانون، ولا يمكن أن يكون موضوعا
للمنع والزجر والمتابعة والمحاسبة، مهما كان عليه عند الناس من اعتراض واحتجاج
ورفض.
هذا عن حفلة لوبيز الماجنة الفاجرة، التي "تشرّفت"
بحضور الأميرة زوجة الملك.
أما عن نقل هذه الحفلة للعموم عبر التلفزة، فهو جريمة
أخرى، لأنه فعل يخالف الدستور والقانون، وينتهك الأخلاق العامة، ومن ثَمّ، كان هذا
النقلُ، بشهادة رئيس الحكومة ووزيره في الاتصال، جريمةً يعاقب عليه القانون.
فهذه الحكومةُ، على لسان رئيسها، تشهد بأن الذين أمروا
بنقل حفلة لوبيز لعموم المواطنين قد أتَوْا عملا يجرّمه القانون، ومع ذلك لا يملك
رئيس الحكومة-وهذه قمة الذل والهوان- أن يقررَ في شأن المسؤولين عن ارتكاب هذه
الجريمة في إدارة التلفزة الوطنية العمومية. لا يملك رئيسُ الحكومة مع وزرائه في
دولة المخزن إلا الكلام، والتلميح البعيد، والعبارات التي تحتمل وتحتمل، وكل هذا
لا يغني شيئا في مضمار إقامة العدل وإحقاق الحق وتطبيق القانون.
إنها قمة الذل والهوان أن يجد رئيسُ حكومة، ومعه وزراؤه،
نفسه عاجزا أن يتخذ قرارا في شأن موظف، يُفترض نظريا أنه تابع له، انتهك الدستور،
وخرق القانون، ومسّ الحياء العام عن عمد.
ثمَّ جاءت بعد هذا حادثةُ باحة صومعة حسان بالرباط؛ فقد
قامت امرأتان فاسقتان من فواسق ما يُعرف بمجموعة "فيمن"، بالتصوّر في
باحة صومعة حسان وهما يتبادلان القبلات، وقد كتبتا على صدريهما العاريين، على
طريقة هذه المجموعة العاهرة في التظاهر والاحتجاج، جملةً تعبر عن تضمانهما مع الشواذ
المغاربة. وقد زاد في شناعة هذه الجريمة أن التصوير قد تم في مكان عمومي بعاصمة
المغرب، له رمزيته التاريخية، وبه قبور الملك محمد الخامس، والملك الحسن الثاني
وأخيه عبد الله، رحمهم الله وغفر لنا ولهم.
نعم، لقد قامت السلطاتُ المختصة بتوقيف الفاعلتين عندما
كانتا تهمان بمغادرة البلاد في مطار الرباط-سلا، لكن هذا التوقيف لم يدم طويلا، إذ
سرعان ما نشرت وسائل الإعلام أن السلطات المغربية قد أفرجت عن المرأتين الفاجرتين،
وسمحت لهما بمغادرة البلاد، بعد أن اقترفتا جريمة واضحة تم تصويرها وبثها للعموم عبر
شبكة الإنترنيت.
تصوروا معي لو أن مغربيين أو مغربيتين من المواطنين
المغمورين ارتكبا مثل هذه الجريمة التي ارتكبتها الفاسقتان من تنظيم
"فيمن"، فهل كانت السلطات ستعفو عنهما، وتقرر عدم متابعتها؟
المؤكد عندي أن هذه الجريمة، المتمثلة في التعرِّي في
مكان عمومي له خصوصيته ورمزيته، وارتكابِ فعل فاحش يمس بالحياء، والتضامنِ مع
مدانين بجريمة يعاقب عليها القانون، لو كانت مِن مغربي عادي لكان مصيره المتابعة
والمحاكمة وربما السجن. ولكن لمّا كانت الفاعلتان الفاجرتان من فرنسا، فإن القانون
أصبح لاغيا، والمتابعة لا معنى لها، والتسامح والعفو صارا هما الأسلوب المختار
للتعامل والتفاهم وتجاوز المشكل.
بل هذا ما حصل بالفعل؛ فقد أصدرت وزارة الداخلية بيانا بعد اعتقال مغربيين من الشواذ قاما يوم الأربعاء 3 يونيو الماضي بمثل ما قامت به الفاسقتان الفرنسيتان من مجموعة "فيمن"، وفي باحة صومعة حسان نفسها. أما الفرق بين تعامل السلطات مع الحالتين هو أن الفرنسيتين تم السماح لهما بمغادرة المغرب من غير عقاب، وأن المغربيين تم اعتقالهما، لإحالتهما على القضاء.
لماذا هذا التمييز؟ لأن احترام مبادئ الدستور وتطبيق القوانين في ظل الاستبداد إنما يكون بحسب الهوى والتعليمات واعتبار العلاقة مع هذا أو ذاك من الأشخاص والدول والمؤسسات، أي أن علاقة الاستبداد بالقانون ليس مبدئية، وإنما هي حسب الاعتبارات الطارئة، والتقديرات السياسية، وهذا هو عين الظلم والفساد.
بل هذا ما حصل بالفعل؛ فقد أصدرت وزارة الداخلية بيانا بعد اعتقال مغربيين من الشواذ قاما يوم الأربعاء 3 يونيو الماضي بمثل ما قامت به الفاسقتان الفرنسيتان من مجموعة "فيمن"، وفي باحة صومعة حسان نفسها. أما الفرق بين تعامل السلطات مع الحالتين هو أن الفرنسيتين تم السماح لهما بمغادرة المغرب من غير عقاب، وأن المغربيين تم اعتقالهما، لإحالتهما على القضاء.
لماذا هذا التمييز؟ لأن احترام مبادئ الدستور وتطبيق القوانين في ظل الاستبداد إنما يكون بحسب الهوى والتعليمات واعتبار العلاقة مع هذا أو ذاك من الأشخاص والدول والمؤسسات، أي أن علاقة الاستبداد بالقانون ليس مبدئية، وإنما هي حسب الاعتبارات الطارئة، والتقديرات السياسية، وهذا هو عين الظلم والفساد.
أيُّ قانون هذا الذي يطبق على المغمورين من المواطنين
الضعفاء، مهما كانت جريمتهم، ويُعفى منه الأجانب، لأنهم من هذا البلد أو ذاك، وإن
بلغت جريمتُهم من الفظاعة والبشاعة ما بلغت؟
أيُّ دولة هذه، وأي حكومة، وأيُّ عدالة-يا سيدي وزير
العدل والحريات- حينما يصبح القانون لا يساوي شيئا، بل يصبح فاقدَ المصداقية
والهيبة أمام فاجرتين مجاهرتين بسلوكهما الشائن الحقير؟
أيُّ مثال هذا، وأيّ درس، وأيّ عبرة، نعطيها للمواطنين
حينما تعلّمهم الدولةُ بقراراتها ومواقفها وسياساتها المخالفة للقانون، أن العدالة
في بلادنا مسألة نسبية، وأن الأمر فيها مرهون بالهوى والمزاج والتعليمات التي تنزل
من فوق؟
ماذا بقي لوزارة العدل والحريات، وقبلها ومعها وبعدها
رئاسةُ الحكومة، من مصداقية؟ وهل بقي لهم من وجه يقابلون به الناس؟
إن التعاملَ مع القانون بهذه الصورة التي تقوم على
الانتقاء والتمييز، لهو الدليل القاطع أننا ما زلنا متخلفين عن دولة الحق والقانون
بمسافات بعيدة وبعيدة جدا.
إن الوزير الذي لا يملك أن يطبق القانونَ في جريمة لا
غبار عليها إنما هو-رضي أم لم يرض-مخزنيٌّ برتبة وزير، لأن الوزير الحقيقي، الذي
يدّعي أنه يمثل إرادة الشعب، وأنه يمثل القانون، لا يمكن، في رأيي، أن يكون منه
هذا التهاون والتردد والتخوفُ والإهمال، الذي رأيناه من الحكومة، ومعها المسؤولون
السياسيون، من كل الألوان والأطياف، في شأن الجرائم المحقَّقَة التي مثلها الشريط
الفاحشُ لنبيل عيوش، والسهرةُ الفاجرة لجينيفر لوبيز، والنقلُ لهذه السهرة الفاجرة
في التلفزة العمومية، والسلوكُ الفاسق الحقير من عضوتي "فيمن".
هذه جرائم محققة بنص القانون المغربي، لا علاقة لها
بالفن والإبداع وحرية التعبير. قد تكون هذه الجرائم في دول أخرى مسلوكة في الفن المباح،
والتعبير الحر، والإبداع المقبول. وقوانينُ الدول تختلف باختلاف هوياتها ودياناتها
وحضاراتها وثقافاتها وأخلاقها وأعرافها.
فليس ما يقبله الذوقُ الفرنسي، مثلا، مقبولا، لزوما ووجوبا، في الذوق المغربي. وإن
كان هناك مغاربةٌ أهواؤهم وأذواقُهم وقلوبهم مع فرنسا، فإن هذا لا يعني أن نلغيَ
قوانينها وديننا وحضارتنا وأعرافنا وأخلاقنا لنرضيَهم، بل الواجب المطلوب هو أن
يحترم هؤلاء المُغَرَّبون المفرنسون الذوقَ المغربي العام، الذي يمتاح من أخلاق
الإسلام، وحضارة الإسلام، وسمو الإسلام.
ومما له علاقةٌ بما نحن بصدده ما صرحت به إحدى الوزيرات المنتدبات
في حكومة السيد بنكيران، في أثناء ندوة صحفية يوم الثلاثاء الماضي 2 يونيو، في شأن
موقفها من اللغة العربية، وهي لغة رسمية كان على الوزيرة أن تعتبرها وتحترمها
وتقدر مكانتها الدستورية، حيث ردّت على من طالبها بالحديث بالعربية بأن "العربية
كطلع لي السخانة"، بمعنى أنها تصاب بالحمىّ إن هي تكلمت بالعربية.
هذه وزيرة في الحكومة تتحدث بهذا الأسلوب الركيك الساخر
عن اللغة الرسمية للبلاد، فماذا تركت لأعداء العربية من خارج الحكومة؟ ثم، بعد
هذا-وهذا بيت القصيد عندنا- لا تجد هذه الوزيرة من نفسها الشجاعة لتستقيل، بل لا
تجد من يفرض عليها هذه الاستقالة فرضا، لأن الجميع في الحكومة يعرف أن المبادئ
الدستورية في شأن اللغة الرسمية، وفي شأن كثير من الموضوعات المتعلقة بهوية
المغاربة ومقدساتهم، لم تُوجد لتطبَّق، بل وُجدت للزينة والواجهة والدعاية. وقد
تطول هذه المقالة إن أنا أردت أن أسرد الحالات التي تم فها خرقُ الدستور ومخالفة
القانون على يد الوزراء، الذين يفترض فيهم أن يكونوا أول من يحترم الدستور، ويسهر
على تطبيق القانون.
وبعد، فعندي أن مِن أوجه مصيبتنا السياسية أننا لم نبدأ
حتى الآن الخطوة الأولى على طريق بناء دولة الحق والقانون، وهذه الخطوة الأولى هي
تطبيق القانون- مهما كان موقفنا من هذا القانون- بقوة وعدالة وإنصاف ومساواة بين
الجميع، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين مغربي عادي وفرنسي سائح، ولا بين مشهور ذي
جاه ومال وبين خامل منسي في الهوامش.
في جملة، الخطوة الأولى أن نحترم القانون، وأن يكون جميع
الناس سواسية أمامه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.